كنت فى إحدى زياراتى إلى سور الأزبكية وفى اثناء تقليبى فى الكتب المعروضة للبيع عثرت على تلك النسخة النادرة من كتاب عن كتاب «من طه حسين إلى حسين هيكل»، ولم يكن سبب ندرتها ان الطبعة الأولى قد اختفت تماما وبدل طه حسين عنوان الكتاب فى طبعته الثانية إلى "فى الأدب الجاهلى".
فقد وجدت على النسخة إهداء مكتوبا بخط اليد «إلى محمد حسين هيكل باشا» ورحت أقرا الكتاب بنهم لأجد المفاجأة الثالثة بعد مفاجأة عثورى على النسخة والإهداء، حيث وجدت خطوطا بالقلم تحت عبارات وردت فى صفحات الكتاب وهى العبارات نفسها التى أثارت الزوابع على طه حسين وكتابه.
وكتاب طه حسين هذا كتاب مهم جدا ويعتبر نموذجا حقيقيا لما نلح الآن عليه فى الطلب بضرورة تجديد الخطاب الدينى، فسواء اتفقنا أم اختلفنا على القضايا التى أثارها، إلا أن أهمية الكتاب فى أنه استخدم المنهج العقلى فى دراسة النصوص التراثية وكانت خطوة مهمة فى عالم الفكر، فقد أعمل طه حسين عقله واتبع منهجا علميا فى دراسة النصوص التراثية وحتى بعد أن تغير الكتاب وخرج فى صورته الثانية ظل علامة كبيرة على طريق تجديد الخطاب الدينى وإن كان موضوعه الشعر الجاهلى وبعض القضايا الأدبية والتاريخية، ولا تنس أنه ورد فى إهداء الكتاب بعد تعديله «الذين لا يعملون ويؤذى نفوسهم أن يعمل الناس».
ومحاولة طه حسين تلك تشبه لدى محاولة المعتزلة فى الاعتماد على إعمال العقل فى النصوص الدينية وكان ذلك فى العصر العباسى وكانت بسببه محنتهم.
وفى الفترة نفسها التى صدر فيها كتاب طه حسين كان قد صدر كتاب آخر من الكتب المؤسسة ولا يقل شهرة عنه وهو كتاب «الإسلام وأصول الحكم» للشيخ على عبد الرازق والذى صرح فيه بتصريحات خطيرة وهى أن الإسلام دين لا دولة ورسالة وليس نظاما للحكم.