في تاريخ الأندلس، هناك العديد من القصص التراجيدية التي تصوّر انهيار الحضارة الإسلامية في شبه الجزيرة الإيبيرية. إحدى هذه القصص تتعلق بولاية غرناطة، التي كانت آخر معقل للمسلمين في الأندلس، والتي تم تجاهل نداءاتها للولايات الإسلامية الأخرى طلباً للعون.
خلفية تاريخية: بعد قرون من الحروب الأهلية والصراعات الداخلية بين الطوائف الإسلامية، كانت الأندلس في القرن الخامس عشر عبارة عن مجموعة من الإمارات والدويلات الصغيرة، ضعيفة ومنقسمة. وقد استغلت الممالك المسيحية الشمالية، مثل قشتالة وأراغون، هذه الانقسامات لتحقيق مكاسب إقليمية. واحدة من هذه الإمارات كانت مملكة غرناطة، التي حافظت على استقلالها حتى أواخر القرن الخامس عشر.
النداءات المتكررة: طوال فترة الحصار التي فرضها ملوك إسبانيا الكاثوليكيون، الملكة إيزابيلا الأولى والملك فرديناند الثاني، على غرناطة، استمر المسلمون في إرسال النداءات إلى مختلف الدول الإسلامية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط. لكن، للأسف، كانت هذه النداءات تُقابل بالتجاهل أو عدم القدرة على التدخل لأسباب متعددة. كانت دول المغرب العربي مثل المرينيين والزيانيين تعاني من ضعف داخلي، والسلطنة المملوكية والعثمانية في الشرق كانت تواجه تحديات أخرى في مناطقها.
التخلي عن غرناطة: مع استمرار الحصار، استمر القادة السياسيون في غرناطة، بما في ذلك الملك أبو عبد الله الصغير، في محاولة البحث عن الدعم العسكري والمالي من العالم الإسلامي، ولكن كل جهودهم باءت بالفشل. تسببت الانقسامات الداخلية بين المسلمين في الأندلس، وضعف التنسيق بين الولايات المسلمة الأخرى، في تفاقم الوضع. لم يتلقوا المساعدة اللازمة، ولم يكن هناك تدخل قوي من القوى الإسلامية الكبرى.
السقوط المؤلم: في النهاية، وفي عام 1492، بعد حصار طويل استمر لأشهر، اضطر الملك أبو عبد الله الصغير إلى تسليم غرناطة للملوك الكاثوليك. يُروى أنه عندما غادر المدينة بعد تسليمها، بكى حينما نظر إلى غرناطة من بعيد من موقع يُسمى "زفرة العربي الأخيرة". حينها قالت له والدته: "ابكِ مثل النساء على ملكٍ لم تستطع أن تدافع عنه مثل الرجال".
تراجيديا الغفلة: تجسد هذه القصة التراجيدية الحقيقية في الإحساس بالخيانة أو التخلي الذي شعر به المسلمون في غرناطة. فالولايات الإسلامية كانت مشغولة بصراعاتها الداخلية، ولم تتمكن من مساعدة هذه المدينة العظيمة، مما أدى إلى ضياع الحضارة الإسلامية في الأندلس بشكل نهائي.
كان سقوط غرناطة نهاية لحضارة إسلامية دامت قرونًا في إسبانيا، وكانت بمثابة بداية النهاية للعصر الذهبي الإسلامي في الأندلس.