هناك بعض أوجه التشابه بين غزو ألمانيا النازية لروسيا شمالًا في الشتاء خلال الحرب العالمية الثانية (عملية بارباروسا) والهجمات الإسرائيلية على لبنان، ولكن السياقات التاريخية والاستراتيجية تختلف بشكل كبير. لنأخذ في الاعتبار أوجه التشابه والاختلاف الرئيسية:
أوجه التشابه:
-
التهور العسكري وسوء تقدير الظروف:
- في حالة ألمانيا، كان غزو روسيا خلال الشتاء خطأ استراتيجيًا كبيرًا، حيث لم تكن القوات الألمانية مجهزة بشكل كافٍ للتعامل مع الشتاء الروسي القاسي، مما أدى إلى شللهم أمام المقاومة السوفيتية. القرار كان يعتبر نوعًا من التهور العسكري بسبب سوء تقدير قوة الشتاء الروسي.
- بالنسبة لإسرائيل، في هجماتها المتكررة على لبنان، بما في ذلك عام 1982 وعام 2006، يمكن أن يُقال أن هناك سوء تقدير في بعض الأحيان لقوة المقاومة اللبنانية (حزب الله)، وخاصة في حرب 2006، حيث فوجئت إسرائيل بصمود الحزب وقدرته على التكيف مع الهجوم الإسرائيلي، خصوصًا مع الأخذ في الاعتبار البيئة الجبلية وصعوبة القتال فيها.
-
الحرب ضد خصم مقاوم وغير تقليدي:
- السوفييت استخدموا تكتيكات حرب العصابات في مواجهة القوات الألمانية، واستفادوا من التضاريس والطقس لتحطيم تقدم الألمان.
- في لبنان، حزب الله استخدم تكتيكات حرب العصابات والتضاريس الجبلية المعقدة لصد الهجمات الإسرائيلية، حيث واجهت إسرائيل مقاومة غير تقليدية معقدة وغير متوقعة، خصوصًا في مواجهة قدرات صاروخية ونظام أنفاق متطور.
-
الظروف المناخية الصعبة:
- الغزو الألماني لروسيا اصطدم بشتاء قاسٍ جدًا لم تكن القوات الألمانية مجهزة له.
- بينما الظروف المناخية في لبنان تختلف عن الشتاء الروسي، فإن التضاريس الجبلية والمناخ في مناطق جنوب لبنان خلال الصيف الحار أو الأمطار في أوقات معينة قد تكون شكلت تحديات ميدانية لإسرائيل. هذا بالإضافة إلى أن لبنان يتميز ببيئة صعبة للدبابات والمدرعات.
أوجه الاختلاف:
-
السياق الجيوسياسي:
- غزو ألمانيا لروسيا كان جزءًا من استراتيجية نازية للهيمنة على أوروبا وتوسيع مجال نفوذها. الهجوم كان يهدف إلى القضاء على الشيوعية والسيطرة على موارد الشرق.
- أما هجمات إسرائيل على لبنان، فكانت جزءًا من صراع مستمر بين إسرائيل وفصائل المقاومة اللبنانية والفلسطينية، وخاصة حزب الله. الهدف كان كبح تهديدات أمنية وصاروخية تنطلق من لبنان ضد إسرائيل، وليس احتلال أو استغلال الموارد.
-
حجم الصراع:
- عملية بارباروسا كانت واحدة من أكبر العمليات العسكرية في التاريخ، حيث اشتبكت ملايين القوات في أكبر جبهة حرب في العالم.
- الحرب في لبنان، على الرغم من كونها عنيفة ومعقدة، كانت محدودة نسبيًا من حيث حجم العمليات والقوات المشاركة بالمقارنة مع الحرب العالمية الثانية.
-
النتائج الاستراتيجية:
- الغزو الألماني لروسيا أدى في النهاية إلى انهيار الجيش الألماني وبدء خسارتها للحرب.
- الهجمات الإسرائيلية على لبنان لم تؤدِ إلى خسارة استراتيجية كبيرة لإسرائيل على غرار ألمانيا في روسيا، لكنها بالتأكيد لم تحقق أهدافها الكاملة، حيث ظل حزب الله قوة مهيمنة في جنوب لبنان بعد حرب 2006.
الخلاصة:
على الرغم من وجود بعض أوجه التشابه في التهور العسكري وسوء تقدير قوة العدو وظروف القتال، فإن الاختلافات في السياق الجيوسياسي، حجم الصراع، وأهداف الأطراف المتحاربة تجعل المقارنة بين غزو ألمانيا لروسيا وهجمات إسرائيل على لبنان محدودة.