الاشعارات
هُنا قلبُ الأم… وتلك دمعةُ الأب
في زوايا الحياة الصامتة، تنزف القلوب ولا تُرى…
هذا هو قلب الأم
ليس كياناً بيولوجياً ينبض
بل محرابٌ من حنانٍ يُصلّي في صمت
تدعو حين لا ينتبه لها أحد
تسهر، حين نام الجميع
وتحترق إذا ما احترق طرف ثوب ولدها دون أن يمسه النار
وهذه عين الأب
ذلك الجبل الذي نراه صامدًا
ما عرفنا أنه يبكي
حتى بيّضت عيناه من الحزن…
تَشيخ روحه من الداخل
يُظهر الجلد، ويخفي الجرح
يصبر على التعب، ويغطي القلق بكلمة: “أنا بخير”
في مشهدٍ رباني، لا يُصاغ ببلاغة، بل يُسجد له بخشوع:
كلّ منهما كوكب يدور في فلك التضحية
لا يشكوان، ولا يُظهران الألم
فإذا ما نطق الأب، فقد جفت كل الأحرف في حلقه
وإذا ما شهقت الأم، فقد اختنق الهواء من فرط الحنين
يا مَن ترسمون الحياة بخرائط الربح والخسارة،
اعلموا أن هنالك حسابًا آخر،
لا تُسجل فيه الأرقام…
بل يُوزن فيه الدعاء
ويُقاس فيه مقدار الدموع التي نزلت من عيني والدك
حين خذلك…
ولم يقل شيئًا
من هناك يبدأ الانحدار…
حين تُخرِج أبناءك من ساحات التراحم
وتضعهم في مصانع الآلة
تربيهم على النجاح… دون أن يعرفوا أن النجاح لا يُقاس بالشهادة فقط
بل بكم دعوة ارتفعت إليك من أمك، وأنت لا تدري
وبكم دمعة نزلت من عين أبيك، وهو لا يستطيع دفع الضر عنك، إلا أن ينظر للسماء
ولذلك أقولها، كما قالها عمرو بن العاص، لا ترموا صغاركم خارج المجالس
علّموهم كيف تُمسك يد المريض، لا كيف يُمسك الهاتف
أدخلوهم مساجدكم، لا فقط تطبيقاتكم
عرفوهم أن الضعف أحياناً يكون أنبل من القوة،
وأنّ الحنان… لا يُعلَّم بالكلام، بل يُورث بالنظر
أيتها الأمة… لا تصنعي جيلاً يرى الحب في الشاشة
ولا يرى الجنة في يد أمه!
خذوا أولادكم إلى القلب…
إلى هناك
حيث لا يقول الأب "أنا تعبان"
لكن قلبه ينطق ذلك كل يوم
وحيث لا تقول الأم "أنا أبكي"
لكن الملعقة التي تضعها في طبقك ترتعش من أثر الدموع
وما أدراك ما قلب الأم؟
وما أدراك ما دمعة الأب؟
تلك مشاعرها…
فلا تشرك الدعاء بغيرها
ولا تجعل من عقوقك ديناً تورّثه لأبنائك