يا هذا...
أما علمت أن القلوب بقدر ما تعظمُ الله، يُعظمها الخلق؟
وأنّ الوجوه التي تسجد للملك الجبّار، يهابها الملوك الصغار؟
انظر إلى ذلك الفتى الذي ألقته الأمواج إلى قصر المتكبر...
طفلٌ، لا درع له سوى لطف الله...
نشأ في ظلال العرش الباطل، لا يخشى سوطه ولا ينحني لذهبه.
شبَّ الفتى... فما انحنى ظهره لزخرف القصور،
ولا غوى قلبه بنشيد الحاشية.
كبر موسى... وكبرت معه هيبة من كانت هيبته بالله!
فما خاف حين ناداه الله:
{اذهب إلى فرعون إنه طغى}.
ولا تلعثم حين نطق أمام الجبروت:
{هل لك إلى أن تزكى}.
كان فرعون في بهائه...
مقامًا يرعب فيه الرجال،
ويزحف إليه الكبراء على وجوههم طمعًا في رضاه.
وموسى وحده...
كان يقف بقلب راكع لله، واقف للجبارين.
لم يحتج موسى لصولجان، ولا لسيف، ولا لقوم يسندونه...
كان قلبه مع الله، فكان الله معه!
فيا من تطلب التعظيم من البشر،
وتنسى أن الجلال في يد رب البشر...
أما علمت ما قاله الحكماء:
"من أعظم الظلم والجهل أن تطلب التعظيم والتوقير من الناس وقلبك خالٍ من تعظيم الله وتوقيره"؟
تعالَ...
اسجد لله سجدة واحدة بصدق،
تصغر أمامك السلاطين،
ويهابك من كانت الدنيا تحني لهم الرقاب!