استغلوا فطرة الحزن والتعاطف الطبيعي مع المظلوم، خصوصًا أن الحسين حفيد النبي ﷺ، فأعادوا صياغة القصة لتصبح مركزًا لـ"الهوية الدينية"، بحيث يكون الانتماء والولاء مرتبطًا بالشعور بالحزن على الحسين.
هذه طريقة نفسية تجعل الألم المشترك رابطًا جماعيًا أقوى من أي فكر مجرد.
ربطوا الدين كله بـ "مظلومية آل البيت"، حتى صارت عاشوراء ليست مجرد ذكرى تاريخية، بل بوابة لفهم العقيدة والسياسة والولاء والبراءة.
هذا ما يُسمى في علم النفس بـ "إطار التفسير الشامل" حيث يُعاد تفسير كل شيء -حتى الدين- من منظور الحادثة.
خلقوا شعورًا عند الأتباع بأن عليهم "التكفير" عن تقصير الأمة في نصرة الحسين، فيمارسون طقوسًا فيها جلد وبكاء وشعائر قاسية، كمحاولة لإبراء الذمة التاريخية.
هذا يُعرف في علم النفس بـ "الشعور بالذنب المُستَدرَج"، حيث يتحمّل الأتباع ذنب لم يرتكبوه ليظلّوا جزءًا من الجماعة.
صوّروا حادثة كربلاء على أنها معركة أبدية بين الحق المطلق والباطل المطلق، مع تقسيم الناس بين حسين ويزيد في كل زمان.
هذا يُنتج انقسام نفسي دائم، ويُغذّي الشعور بأن الطائفة في حالة صراع أبدي، ما يخلق ولاءًا غير مشروط.
كرّروا القصة سنويًا بل يوميًا عبر المجالس، وحوّلوا الذكرى إلى مهرجانات بكاء ولطم ومسيرات، لتعزيز المشاعر الجماعية.
هذا مبني على قاعدة "التكرار يصنع القناعة"، وكلما كرّرت رواية مشحونة عاطفيًا، أصبحت جزءًا من بنية التفكير والهوية.
المعمّمون لم يقدّموا فقط سردًا تاريخيًا، بل استخدموا اللعب على المشاعر، التأطير النفسي، الشعور بالذنب، والطقوس الجمعية لتحويل واقعة تاريخية إلى مركز ديني وعقائدي كامل.