قد تكون غارقًا في النِّعم فهل سبحت وحمدت الله
كل من عليها فان
كل شيء زائلٌ، كل ما على الأرضِ زَفرَةُ ريحٍ،
أنت، وأنا، والظلُّ، والجبالُ التي نخالها لا تميل،
كلُّنا في طريقٍ واحد، نحو صمتٍ طويل.
وكأنّ الكونَ قصيدةٌ، بيتُها الأولُ بدايةٌ،
وآخرُها زوالٌ جميل.
ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام
لكن في زحمةِ الزوالِ، هناك بقاءٌ،
وجهٌ لا يُطمَس، لا تَخطَفُهُ الأزمان.
هو الجلالُ الذي لا يُضاهى،
هو الإكرامُ الذي يَعقُبُ كلَّ نقصان.
فبأي آلاء ربكما تكذبان؟
أيا بشرَ الأرضِ، بأي نعمةٍ تنكرون؟
أبالهواءِ الذي يُحْييكُم؟
أم بالماءِ الذي يُحيي الحقول؟
كيف تكذبون من أعطاكم الحياةَ والنبضَ،
وترجون من عطاءاته القليل؟
يسأله من في السماوات والأرض، كل يومٍ هو في شأن
في كل دقيقةٍ، يلتفُ الكونُ حولَ سؤالٍ،
حتى الصمتُ يرتفعُ صوتاً،
والأجسادُ التي لا تبوح،
تسألُهُ بنظراتِ الغيبِ والرجاء.
كل لحظةٍ يخلقُ، كل لحظةٍ يهدي.
سنفرغ لكم أيها الثقلان
أيها الثقلان، لحظةٌ قادمةٌ لا شك،
حسابٌ لا يُنسى، وعدٌ لا يتبدد.
ليس بالتهديدِ، بل بالعدلِ،
كي تعيدوا الحسابَ، وتزنوا الكفَّتين.
فبأي آلاء ربكما تكذبان؟
هل تنكرون الفرصةَ التي أهداكم إياها؟
الوقتَ الذي زُرِعَ ليُثمرَ خيراً؟
أي بركةٍ أكبر من هذا العطاء؟
يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا، لا تنفذون إلا بسلطان
يا من تحلمون بالهربِ من حدودِ الحقيقة،
تذكروا أنكم محكومون بسلطانِ خالقكم.
لن تعبروا، لن تُحلقوا،
إلا بإذنٍ من كان.
فبأي آلاء ربكما تكذبان؟
السماءُ سقفٌ، والأرضُ حضنٌ،
كيف تُنكرون من جمعكم بين هاتين الرحمتين؟
يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران
النارُ تنتظرُ الغافلين،
الظلُّ يَكذُب إن لم تحتموا بنورِ الله.
أنتم ضعفاءُ، لا قوةَ إلا بضعفكم أمامه.
فبأي آلاء ربكما تكذبان؟
حتى الوعيد،
رحمةٌ،
حتى الإنذار،
هدايةٌ.
فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان
في يومِ الحقيقةِ،
السماءُ تُفتحُ كزهرة،
جمالها يخيف،
وعظمتُها تهزُّ الأرواح.
فبأي آلاء ربكما تكذبان؟
هل تُنكرون أنكم جزءٌ من هذا الجمال،
وأنكم ستقفون يوماً أمامه؟
فيومئذ لا يُسأل عن ذنبه إنسٌ ولا جان
لن تحتاج الكلماتُ للحديث،
الأفعالُ ستتكلم،
والحقائقُ ستُعلن.
فبأي آلاء ربكما تكذبان؟
كل شيءٍ واضح،
كل شيءٍ رحمةٌ،
حتى في المواجهة.
يعرف المجرمون بسيماهم، فيؤخذ بالنواصي والأقدام
الوجوهُ تصرخُ بما في القلوب،
هناك من يقفُ بخجلٍ أمام النور،
وهناك من يُساقُ بما صنعَت يداه.
فبأي آلاء ربكما تكذبان؟
العدلُ نفسه نعمة،
والتذكيرُ بميزانه رحمة.
هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون
الجحيم ليست بعيدة،
هي ظلُّ أفعالِكم،
هي مرآةُ غفلتِكم.
يطوفون بينها وبين حميم آن
بين النار والغليان،
دائرةٌ لمن اختار الغفلة،
ولمن أضاع الطريق.
فبأي آلاء ربكما تكذبان؟
حتى في العقاب، هناك حكمةٌ،
حتى في الوجع، هناك توازنٌ،
فهذا هو القانونُ الذي لا يميل.
انقر للتقييم